حكام طرابلس يتشبثون بمراكزهم دون أن يعيروا المعتصمين بميدان الجزائر انتباه المسؤول ووطنيته ، وهم بهذا بستحضرون سلوكيات النظام السابق ، فقد فضلوا التنكر عمداً وقصداً لمطالب المعتصمين القانونية وحقوقهم المشروعة في حل مجلس طرابلس المحلي ، واجراء انتخابات نزيهة لاختيار رئيس وأعضاء المجلس على قواعد من "النزاهة والصدق في القول والشفافية في التعامل والحرص عن المال العام" ، تحت رقابة واشراف لجان محايدة تخاف الله وترعى مصالح أهالي العاصمة ..... الأدهى والأمر في المسألة هو جملة الأراجيف التي يطلقها المجلس بين الحين والآخر في محاولة للنيل من رسالة المعتصمين ومطالبهم ، وما أزعج الليبيين جميعاً في طرابلس وخارجها في الآونة الأخيرة ، هو قيام أحد حراس رئيس المجلس بالتهديد واشهار السلاح "كلاشنيكوف" في وجه المعتصمين أثناء توجه سيادته إلى قصر الخلد "قصر الملك سابقاً"لحضور حفل عيد الاستقلال ليلة 24 ديسمبر، وفي المقابل يتنكر الرئيس لهذا التصرف في لقاء سريع أمام الكاميرا ...... فهل سيصدق الليبيون شخصاً واحداً ، ويكذبون مئات من المعتصمين؟ بالطبع لا وألف لا.
المتتبعون لقناة العاصمة مساء يوم الأربعاء الموافق 28 ديسمبر 2011م ، تفاجئوا دون سابق انذار أو استعداد نفسي مسبق ، بالكم والمقدارالكبير من المستندات والوثائق التي تدين رئيس المجلس (عبدالرزاق أبوحجر) ونائبه (هشام الكريكشي) وبقية الأعضاء ، بسبب التجاوزات الادارية والمخالفات المالية التي يقول عنها القانونيون وأهل الحكمة والرأي أنها ترتقي لمرتبة "القضايا الجنائية" ، التي يحاسب عنها القانون والقضاء العادل. لقد سرد وكشف مقدم الحلقة وضيفيه الكريمين مشكورين ، كشفوا وثائقاً تجاوز عددها (140) مائة وأربعين وثيقة رسمية تحمل توقيع واسم رئيس المجلس أو نائبه ، ومصدق عليها بختم المجلس ، وتحمل تواريخاً مختلفة وأرقاماً اشارية مختلفة ، مما يثبت صحتها وخلوها من الشبهات في التزوير أو ما شابه ذلك. وفي هذا الصدد ، نذكر بقول الله سبحانه في الآية (4) من سورة المنافقين: "وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" صدق الله العظيم.
تؤكد إحدى الوثائق المعلنة والصادرة عن حكام طرابلس ومجلسهم الإمبراطوري المتصيد للمال والبائع للخدع ، أن السيد رئيس المجلس أستحوذ دون وجه حق عن امكانيات القيادة الشعبية الاجتماعية (سابقا) من مختلف الأصول المنقولة والثابتة ، كما أكدت بعضها أنه قام بمكاتبة شركة المشروبات الغازية والمياه مشيراً إلى تبعيتها للمجلس بكافة أصولها ومواردها ، مع العلم أن الشركة وما في حكمها من شركات المشروبات كيانات تتبع الدولة الليبية ، وفي وثيقة أخرى أتضح أن المجلس بتوقيع رئيسه وموافقة الأعضاء تسلم مبلغاً يقدر بــ (500.000) خمسمائة ألف دولار من دولة الإمارات العربية ، بينما كشفت بعض المستندات عن فضائح أخرى تفيد بتكليفه لجاناً ـ ليس ككل اللجان ـ من مقربيه وأقرانه لتولي حصر المساكن (الفيلات) والمتاجر والورش وقطع الأراضي التي كانت مملوكة لأزلام الطاغية ، ومن بعدها قام بتوزيعها على أقربائه واصدقائه وزبانيته لكي يسكت الأفواه ويملى البطون الخاوية ، وربما ليضمن الترشح للمؤتمر الوطني العام ..... أليس تلك جرائم جنائية ومخالفات تغضب الله والعباد؟ ...... فلماذا هذا الصمت اليائس من طرف المجلس الوطني ورئاسة الوزراء ، أم أن الجميع يشربون من نفس الإناء وبذات القدح؟ أتمنى ألا يكون الأمر كذلك.
لعل بعض المثقفين ممن لا مصالح شخصية ومنفعية لهم في المجلس المحلي بطرابلس يتفقون مع ضرورة وضع نهاية لأعضاء المجلس في ضوء ما تم سرده وعرضه من مراسلات ووثائق رسمية على قناة العاصمة كما أسلفنا ، ولكن عليهم التحرك السريع وترك سياسة "مسك العصا من المنتصف" ، وعليهم التفاعل مع مجريات الحدث احقاقاً لحقوق أهل طرابلس الشرفاء المكرمين ، من قاطني أحيائها الرائعة وشوارعها الجميلة وضواحيها الساحرة ، عليهم ازاحة ظلم الظالمين ممن نصبوا أنفسهم بانفسهم على قلوب الطرابلسيين ، وعليهم عدم الرضوخ لروايات المتقولين ممن يستغلون غياب الدولة وتعطل اجهزتها لكسب المزيد من الأموال والعقارات ، دافعهم في ذلك "كل شيء حلال وكل شيء غنائم" ، فلا تدعوا أحداً يضحك على ذقون الليبيين أو يسمسر في أموالهم ، أو يتصدق عليهم من باب حقوقهم (كأنها عطايا وهبات السلطان للرعية) عبر توزيع بضع أضحيات أيام العيد على أسر وعائلات الشهداء ، على الرغم من قناعتنا التامة بضيق اليد وعسر الحالة المعيشية لهذه العائلات.
وأخيراً أذكر ببعض من طرائف المجلس المحلي لطرابلس ، فقد قام المجلس بعد تحرير طرابلس بتعيين وزير للحرس البلدي على مستوى ليبيا ، كما تولى مهمة تكليف وزير لخارجية ليبيا ما أضحك الجميع وأصاب النفوس بالدهشة والذهول، وفوق هذا وذاك اصدر تعليمات لأحد الموظفين بافتتاح إحدى السفارات مع توليه ادارتها ، وكأن المجلس صار حكومة شرعية لليبيا بكافة ، أليس هذه طرف من أفعال المجلس وجهله المتجذر بالشأن الاداري للدولة ، ومحاولات يائسة بائسة لانتحال دور الدولة والالتفاف على مهامها ومسؤولياتها في ادارة الشأن العام؟ ...... كل هذه مبررات تستوجب اعادة النظر في المجلس ومحاسبة القائمين عليه ادارياً ومالياً، وكلها مجتمعة تضفي الشرعية على مطالب المعتصمين بميدان الجزائر ، وتؤكد صحة ما ينادون به ويرفعون شعاراتهم لأجله ...... وكما يقولون :الأعظم يضل خافياً مبهماً
بقلم/ أ/ عبد الفتاح سعيد صحيفة الوطن